
برعاية وحضور رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزاف عون، افتتح اليوم “مؤتمر الاقتصاد الاغترابي الرابع” في فندق فينيسيا انتركونتننتال – بيروت، بمشاركة أكثر من 450 مشاركًا من لبنان ونحو 37 دولة. وقد ضم المؤتمر عددًا من رؤساء الحكومات والوزراء اللبنانيين الحاليين والسابقين، إلى جانب نواب حاليين وسابقين، وسفراء، فضلًا عن رؤساء مجالس الأعمال في البلدان العربية، والهيئات الاغترابية الأخرى، ورؤساء الهيئات والغرف الاقتصادية والمهنية، بالإضافة إلى قادة الشركات المالية والصناعية والتجارية والاستثمارية عمومًا.
تنظم المؤتمر مجموعة “الاقتصاد والأعمال” بالاشتراك مع وزارة الخارجية والمغتربين، وبالتعاون مع اتحاد الغرف اللبنانية، والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والهيئات الاقتصادية اللبنانية المقيمة والاغترابية.
وقد تحدث في جلسة الافتتاح كل من: رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوازف عون، ورئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية الوزير السابق محمد شقير، ورئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عباس فواز، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي.
رئيس الجمهورية
استهل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كلمته مرحبًا بالمشاركين قائلًا:
إخوتي اللبنانيين المنتشرين بكل دول العالم،
وجودي اليوم بينكن، هو عبارة عن: امتنان… وأمل.
امتنان لكل حدا منكن إجا من آخر الدني، تيقول: نحنا مع لبنان.
وأمل كبير فيكن، لأنكن ما بعدتوا يوم عن هالبلد، لا بالروح ولا بالفعل.
هالمؤتمر مش بس مناسبة اقتصادية، هو أول شي لحظة لقاء. لقاء بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر.
بين يلي بقي وصمد هون، وبين يلي حمل الوطن بقلبو وين ما راح.
رغم الانهيار الكبير اللي شهدو لبنان خلال السنوات الماضية على مختلف الصعد،
كان الاغتراب هو النبض الوحيد يلي ضل ثابت.
كنتو دايمًا أول من لبى النداء وقت الحاجة، وكنتو أوقات كتيرة أسرع وأفعل من الدولة.
وقت سكرت كل مصادر الدخل تقريبًا، بقي في شريان واحد مفتوح: انتو!
من بداية الأزمة، وصل معدل التحويلات لـ6.5 مليار دولار بالسنة.
وبعز الانهيار، شكلت هالتحويلات %33 من الناتج المحلي.
هالأرقام بتحكي عن حالها، وبتثبت أنو الاغتراب ما كان ولا يوم بعيد عن لبنان، بل كان ولا يزال السند والأمل.
بس اليوم، نحنا مش بس بحاجة لدعم مالي. نحنا بحاجة لشراكة حقيقية.
بدنا المغترب يكون مستثمر، ناقل معرفة، وشريك بالتخطيط وبالقرار.
يجي حامل معه فكر جديد، شبكة علاقات واسعة، وإرادة يخلق من خلالها فرص عمل، ويدعم المشاريع الصغيرة يللي بتنبض بالحياة بكل منطقة من لبنان.
ما حدا في يخفي إنو الطريق صعب، بس الإصلاح بلش، عم نشتغل بإصرار على مجموعة إصلاحات وقوانين، بعضها صار قانون وبدأ تطبيقه، وبعضها على طريق الإقرار، وفي ملفات بعدها قيد التحضير والنقاش:
-قانون الخاص بالمناطق الاقتصادية الحرة للصناعات التكنولوجية
– قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، معالجة الفجوة المالية، ورفع السرية المصرفية
– قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) – قانون استقلالية القضاء
وغيرها من الإصلاحات البنيوية، الل ي هدفها خلق بيئة شفافة،
مستقرة وآمنة، بتحمي المستثمر، وبترد الثقة بلبنان.
اليوم، منطقتنا عم تشهد تحولات كبيرة:
في استثمارات عملاقة بمجالات جديدة مثل الطاقة والاقتصاد الأخضر، الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتق دمة.
ونحنا، كلبنانيين، عنا رأس مال بشري مبدع ومؤهل.
عنا شباب وصبايا، إذا انعطوا الفرصة، بيقدروا يكونوا جزء أساسي من هالتحول.
كرمال هيك، بدنا نشتغل على دبلوماسية اقتصادية جدية، تفتح للبنانيين أبواب العمل والاستثمار مش بس بالخارج، بل كمان بلبنان.
بدنا نخلق الفرص هون، ونر جع الأمل لكل شاب وصبية، عم يفتشوا على مستقبل يليق بطموحاتن، وبيخليهن يضلوا بهالبلد.
اليوم، صار ضروري نرجع نربط لبنان بدور إقليمي منتج، يكون حاضر بإعادة الإعمار، والمشاريع الإقليمية، والتحولات الكبرى الل ي عم تعيد رسم خريطة الاقتصاد بالمنطقة..
وهالمؤتمر هو فرصة حقيقية، فرصة نرجع نبني شراكات جديدة، مش بس بين ا وبين بعض،
كمان مع إخواتنا العرب وأصدقائنا بكل العالم
باسم كل لبناني، بقلكن: أهلا وسهلا فيكن، وإن شاء الله بيكون هالمؤتمر بداية لمسار مستدام، نرسمو سوا، لنرجع للبنان الأمل والمكانة يلي بيستحقها.
رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية
أما الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية فقال: بالتزامن مع مؤتمرنا يعيش لبنان فرحة كبيرة بقدوم أبنائه من أنحاء العالم لقضاء الصيف مع أهلهم وأحبائهم كما أن الحركة الاقتصادية الناشطة التي نشهدها اليوم نتيجة توافد أعداد كبيرة من المغتربين والزوار العرب والأجانب، تشكل مؤشرًا إيجابيا، حيث شهدنا انتعاشا ملحوظا في الأسواق والسياحة وقطاعات متعددة. هذا أيضا إنجاز يُسجَّل للعهد وللحكومة، إلى جانب التقدم الحاصل على مستوى الإصلاح .
لن أتطرق إلى السياسة، ولكن لا بد من التوقف عند بعض الثوابت لتحفيز المغتربين على الانخراط في الحياة الاقتصادية في لبنان، وأبرزها :
أولًا، تكريس حقوق المغتربين قولًا وفعلًا، وضمان المساواة الكاملة بينهم وبين المقيمين .
ثانيًا، بناء دولة قوية، سيدة ومستقلة وعادلة، يُحصَر فيها السلاح بالمؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية وحدها، بما يضمن استقرارًا مستدامًا .
ثالثًا، تعزيز حضور المغتربين في الخارج، من خلال إقامة علاقات بناءة بين لبنان والدول الشقيقة والصديقة، ومنع أي إساءات تصدر من الداخل بحق هذه الدول.
أما على الصعيد الاقتصادي، فالمطلوب: تنفيذ الإصلاحات الشاملة، إيجاد حل عادل للمودعين، خلق بيئة محفزة للأعمال والاستثمار، وتحديث قانون الاستثمار بما يواكب المتغيرات العالمية ويجذب المستثمرين من لبنانيين وعرب وأجانب.
في عصرنا هذا، لم تعد العاطفة والانتماء وحدهما كافيين لدفع المستثمر إلى المغامرة. القرار الاستثماري يُتخذ بناء على الجدوى الاقتصادية فقط .
لبنان غني بالفرص الواعدة، سواء في مشاريع الدولة أو في قطاعات متنوعة. والقطاع الخاص اللبناني، بما يملكه من كفاءة وحيوية، مؤهل ليكون شريكًا أساسيًا في إعادة إعمار لبنان واعادة إعمار سوريا، ولعب دور اقتصادي محوري في المنطقة. والمغتربون مدعوون ليكونوا جزءًا فاعلًا من هذا المسار .
من هنا، أدعو لوضع خارطة طريق واضحة للاستثمار، تشمل: قانون عصري وجاذب للاستثمار، تحديد المشاريع الحكومية والفرص الواعدة في القطاعات المختلفة وكذلك العوامل الجاذبة للاستثمار.
عباس فواز
وفي كلمته، تحدث رئيس “الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم”، عباس فواز، قائلًا: يُشكِّلُ الاغتراب اللبناني ركيزةً أساسيةً من ركائزِ الاقتصاد الوطني، ليس فقط عبْر التحويلاتِ المالية التي ترفُدُ ميزان المدفوعات، بل مِن خلال دورِه الحيويّ في فتْحِ أسواقٍ خارجية، ونقلِ المعرفة والخُبُرات، وتقديمِ فرصٍ استثمارية نوعية داخل لبنان.
يتميّزُ اللبنانيون في عالمِ الاغتراب بحضورِهم الفاعل في مختلف القطاعات الاقتصادية حول العالم، من التجارةِ والصناعة، إلى التكنولوجيا والخدمات.
وقد أثْبَتَتْ الجاليات اللبنانية أنّها رائدة، بِما تَعْكِسُه من صورةٍ مُشرِّفةٍ وقُدرةٍ على التأثيرِ والمبادرة.
إنّ مُشاركة المغتربين في المؤتمرات الاقتصادية، لا سيّما مؤتمرُنا الحالي هي خُطوة أساسية نحو إعادة بناءِ الثقة وتعزيزِ التفاعل بين لبنان المُقيم ولبنان المُنتشر وصولاً إلى اقتصادٍ أكثر استدامة وانفتاحاً على العالم.
مُنْذُ حيازةِ لبنان على استقلالِه في العام 1943، والمغتربونَ اللبنانيون مُشاركون بشكلٍ أساسي بالحركةِ الاقتصادية الداخلية عَبْر ضخِّ استثماراتٍ في شتّى القطاعاتِ الاقتصادية، منها الصناعية، السياحية والزراعية، وفي المجالاتِ العقارية والبناء وغيرها… بشكلٍ دائمٍ ومستمرٍّ، وكان للمغتربينَ الدور الاقتصادي الأبرز خلال السنواتِ الماضية ومساهماتِهِم في دعْمِ الاقتصاد الوطني خلال الأزَمات المتتالية، وهذا نابعٌ من الْتِزامِهم تُجاهَ وطنِهِم الأم.
أيضاً يجب أن نَلْحَظ بأنّ ما شجّع على حركة الاستثمار، وتحصيل نتائج إيجابية، والتي أدّت إلى ازدهار الاقتصاد اللبناني هي سياسة الباب المفتوح للاستثمار والازدهار الاقتصادي، ذلك أنّ لبنان تميّزَ عبْر التاريخ في اقتصادِهِ الحرّ، وفتح الأبواب أمام جميع المستثمرين العرب والأجانب، ونحن كمغتربين إذّ نؤكِّد على ضرورةِ استمرارِ هذه السياسة، سياسة الاقتصاد الحرّ، وفتح الأبواب، والترحيب بالمستثمرين، لكي يستمرّ التدفّق المالي خصوصاً في هذه الظروف الصعبة وحاجة لبنان إلى إعادةِ تفعيلِ القطاعات الاقتصادية والمصرفية بعدَ الأزمات المتتالية التي مرّ بها في السنوات الأخيرة.
لطالما عَمَدَتْ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم خلالَ العقودِ الماضية، ومنْذُ إنشائِها على حثِّ المغتربين اللبنانيين والمنتشرين في جميعِ أصقاعِ العالم على إبقاءِ ارْتِباطِهِم وبشكلٍ دائمٍ مع وطنِهِم الأم، مع الحفاظِ على عَلاقاتٍ جيدةٍ بلْ مُمتازةٍ مع شعوبٍ وحكوماتِ الدول المُضيفة للوجودِ اللبناني في الخارج، والعمل تحت رايةِ القوانينِ المرعيّةِ الإجراء في هذه الدول.
والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم أقامَتْ في لبنان وفي دولِ الاغتراب نشاطاتٍ ومؤتمراتٍ ممّا شجَّعَ المُغتربين على تقويةِ العَلاقات فيما بينِهِم في أماكنِ تواجدِهِم، كما فَتْح المجالات الاجتماعية العديدة أمامهم في وطنِهِم الأم لبنان.
وختم فواز كلمته بالإشارة إلى أنّ المادة الأولى من النظام الأساسي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تحظِّرُ على أعضائها تعاطي السياسة أو الدخول في التمايزات الطائفية، كما أنّ الدول المضيفة للمغتربين تحظِّرُ عليهِم ممارسةِ السياسة الداخلية وتمايُزاتِها القائمة في لبنان.
لذا،
نتمنّى ونأمَلُ من جميع القِوى السياسية في لبنان عدم تصدير خِلافاتِهِم وتبايناتِهم إلى عالمِ الاغتراب اللبناني حفاظاً على وحدةِ المُغتربين ومصالِحِهم في الخارج.
أبو زكي
ورحّب الرئيس التنفيذي في مجموعة “الاقتصاد والأعمال” رؤوف أبو زكي بالحضور ، وقال: ما تقوم به المجموعة يتكامل مع الجهود الّتي تبذلها جهات عديدة رسمية وأهلية وفي طليعتها وزارة الخارجية والمغتربين واتحاد الغرف اللبنانية والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ناهيك عن مبادرات المغتربين أنفسهم في غير بلد.
يشارك معنا اليوم نحو 450 شخصية اقتصادية أكثرهم من المغتربين الوافدين من 37 بلدًا لاسيما من الخليج العربي.
ويشكل المؤتمر، منصة دائمة للتلاقي والحوار ونسج العلاقات والمصالح سواء بين المغتربين أنفسهم أم بينهم وبين بلدان الاغتراب.
في زمن التحوّلات العميقة، نجتمع اليوم حاملين معنا وجع الانهيار وتوق النهوض، آتين من داخل الوطن وخارجه، لنبحث في سبل العبور من المحنة إلى الرجاء.
إلّا أنّ ما يُميّز لحظتنا الراهنة، هو أنّها رغم قسوتها، تحمل في طيّاتها فرصةً ثمينة لمشروع إنقاذ وطني شامل، يعيد إنتاج الدولة على أسس جديدة، ويضع لبنان على سكة استعادة الثقة الداخلية والدولية.
وكلنا أمل في فخامة الرئيس جوزاف عون الّذي يقود السفينة بحكمة واتزان وسط العواصف العاتية يشاركه في ذلك دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام ومعه وزراء متميزون كل في حقل اختصاصه.
إنّ التحديات المطروحة أمامنا كثيرة، تبدأ من الإصلاح المالي والاقتصادي، واستعادة الثقة بالمصارف والعملة الوطنية، مرورًا بإصلاح القطاع العام والقضاء، بما يعيد للدولة حضورها كمرجعية قوية وعادلة.
ولا يُمكن للإصلاح أن ينجح، إن لم يكن مدعومًا بإرادة سياسية جامعة، ومن دون إشراك أحد أبرز عناصر قوّته الوطنية ألا وهو الاغتراب. هؤلاء الّذين شكّلوا عبر العقود صمامات أمان، ليس فقط من خلال التحويلات المالية، بل ومن خلال الحضور السياسي والاقتصادي والثقافي للبنان في العالم.
اليوم، لم يعد يُطلب من المغترب اللبناني أن يحوّل فقط، بل أن يكون جزءًا من القرار الوطني. فالاغتراب هو شريك في الإصلاح، وفي إعادة وصل ما انقطع بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر.
إنّ مسار التعافي يكون عبر خارطة طريق واضحة، تقوم على توفير بيئة محفّزة للاستثمار، تُعيد الثقة للمودعين، وتُعيد إلى المصارف دورها الأساسي وتضع رؤية جديدة للاقتصاد.
ونتوقف هنا عند الدور العربي في مسار النهوض. فالعالم العربي لم يكن يومًا بعيدًا عن لبنان، لا جغرافيًا ولا وجدانيًا. وشكلت الدول العربية، ولا تزال، العمق الاستراتيجي للبنان، وسندًا سياسيًا واقتصاديًا. ولا يمكن الحديث عن أي خطة تعافٍ من دون إعادة تفعيل العلاقة مع الأشقاء العرب، كل العرب.
تكريم 6 شخصيات
وشهد المؤتمر تكريم رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزاف عون، حيث تسلم جائزة “الريادة في الإنجاز”. كما تم تكريم 6 شخصيات لبنانية وعربية تركت بصمة واضحة في مجالي الأعمال والاستثمار، وهم:
1. الأستاذ سفيان الصالح، الرئيس الفخري، مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي
2. المحامي بطرس يونس، أمين السر، مجلس العمل والاستثمار اللبناني، السعودية
3. الأستاذ جمال جوهري، الرئيس التنفيذي، شركة سافيد المحدودة (SAFID)، السعودية
4. الأستاذ فيليب جبر، المؤسس، مؤسسة فيليب جبر، لبنان
5. الأستاذ وسيم ضاهر، رئيس مجموعة أزاديا
6. الأستاذ ناصر النويس، رئيس مجلس الإدارة، شركة روتانا لإدارة الفنادق المحدودة، الإمارات العربية المتحدة